top of page
بحث
صورة الكاتبBooks عناوين

"بخار الروح" لـ(أحمد عمران) : رواية البنية الدائرية للمكان



عناوين بوكس ..

كتب، هشام شمسان:


تعد رواية " بخار الروح" ، للقاص والروائي اليمني أحمد عمران، والصادرة حديثا عن منشورات " عناوين بوكس" في. القاهرة ، رواية غير نمطية،  من حيث بنائها السردي، والتسلسل الزمني للسرد المعتمد على البنية الدائرية للسرد، وهذا الأخير يعد عنصراً فنياً، وتقنياً، بحاجة إلى كاتب متمرس، وذي خبرة في مجال الهيكليات الأسلوبية للسرد؛ لأن هذا الإطار الهيكلي- وأعني به بنية السرد الدائري.

يتيح للكاتب الابتكار، والتفوق في التجريب، لعدم ثبوت وحدة الزمن في نحو هذه الهيكلية الأسلوبية من الحكاء، وتشذره .

وعلى هذا التأسيس الدائري للرواية، وجدنا أحمد عمران في " بخار الروح"، ينتقل بالشخصية المحورية من المكان المغلق(القرية)، إلى المكان المفتوح (المدينة: السعودية. أمريكا. أوروبا)، ثم رأينا الزمن السردي يعود بحركته الدائرية إلى المكان الأول (المغلق)، وهو القرية، الذي انطلقت منه - بدءاً - أحداث الرواية .

وبتتبع حركة الشخصية المحورية، أو شخوص الرواية (بوجه عام) في الحيز والمكان يلحظ القارئ أنها غير محددة، ومجال حركتها يتنامى ويتسع عبر التنقل، والسفر، والتجول في الشوارع، والمقاهي، والمراقص، والحفلات، وركوب القطارات إلى جانب تتبعها في البيت، والمستشفى، وفي أماكن العمل..إلخ . ولها علاقاتها الإنسانية، والغرامية الخاصة، وعلاقات الحب، والزواج.

ومن الطبيعي جداً أن تتقاطع حركة الشخصية المحورية في حركتها المكانية مع شخصيات أخرى( معروفة أو مجهولة)، فيعقد معها علاقات ودية - كما في نموذج ”أدينا" المرأة التي عشقها وأحبها في " المجر" - أو غير ودية، كما في نموذج المخبرين الذين اعتقلوه، وعذبوه .

وتأسيساً على ذلك رأينا كيف أن الشخصية الروائية- تلك التي شكلت ملامح الرواية- اتجهت حركتها من الأدنى (القرية)، ثم للأعلى( أمريكا كمثال).

وبالرغم من أن الحركة في المكان المغلق (القرية) كان هدفه أولاً، وأخيراً الرغبة من أسر المكان وهامشيته، المفعم بالفقر، والجهل، والمرض، إلا أن الانتقال إلى المكان المفتوح لم يحقق للشخصية الروائية هدف الطمأنينة، والاستقرار النفسي، فقد أضحى عامل قهر، وضياع، وانهيار للطمأنينة، وفقدان الذات، فصار المكان عامل هيمنة، وإضعاف للشخصية؛ لذلك وجدنا المكان يتلاشى، ويفقد صلته بالأشياء نهاية الرواية، حين عادت الشخصية مقهورة إلى حيزها المكاني الأول (القرية) مركز الفكرة .


▦ تنفتح رواية "بخار الروح" على بنية زمنية متشظية، أو تشكيل (حبكي) مفكك، تنتظم على نحو أفقي، بعيداً عن الترتيب الزمني المتتالي أو المتتابع، أو المسار الخطي المنتظم، أو الوحدة المكانية المحددة؛ بحيث يتشكل النظام الروائي قِطعاً، وفصول عبر عدد من الحبكات الفرعية- التي تغذي الحبكة الرئيسية-  تبدو منفصلة عن بعضها البعض، وغير منسجمة، لتترابط ذهنيًا ختام الرواية، وتتحد بالحبكة الرئيسية الأم .

الحبكة المتشظية، أو المفككة لا تعتمد على تماسك، وتسلسل الأحداث رأسياً، بل تقدم لنا الشخصيات الروائية، وأحداث الحكاء بطريقة ملتبسة، وغامضة، متقلبة، وتتسم بالتداخل، ولا تخضع إلا لترتيب المنطق الداخلي للسارد .

ونحو هذه الحبكات باعتقادي تعد تجسيداّ حقيقياً للانفصال القائم واقعياً بين العوالم الفردية والمجتمعية البشرية من حولنا..


▦ مثلت العنونة في رواية "أحمد عمران"، عتبة مهمة لمحتوى الرواية كفكرة مجملة،  تحيل القارئ لأبعاد نفسية، ووجدانية عميقة وحادة الشتات، والتمزق،

وكدلالة انزياحية، فقد حملت بُعداً كنائياً، واستعارياً مركباً عميق التأويل..

لنقرأ هذه الفقرة من أجواء الرواية :" ...ودموع العين الساخنة، ماهي إلا بخار الروح المرهقة تطلقها عندما تعلن تعلقها، وشبقها بالحياة من جديد ..." 

فالعنونة رسمت أبعاد وخطوط ثيمة الرواية، وسيطرت على وحدة الفكرة، والموضوع " .


***

عن الكاتب:


  - أحمد عمران، كاتب يمني.

  - حاصل على الدكتوراه في التنقيب عن المعادن والتعدين. 

    - في عام 2000 نشر مجموعة قصص قصيرة بعنوان "أفق جديد لعالم أحدث. وقد ترجمت قصة من هذا الكتاب (شاعر وراقصة) إلى اللغة الإيطالية وتم إدراجها في مختارات الأدب اليمني عام 2009 .

- عاش عمران في المجر لسنوات عديدة ..

- أصدر مؤخراً رواية "بخار الروح" عن عناوين بوكس في القاهرة 2022


○○○○○

٥٤ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page