عناوين بوكس /هشام شمسان:
عن دار "عناوين بوكس" ، صدر حديثا رواية " الظل المنسي"، للأديب، والشاعر اليمني " حميد الرقيمي" .
يقع الكتاب في (90) صفحة، من القطع المتوسط.
ويعد هذا العمل الروائي هو الأول لـ( حميد الرقيمي)، لكنه، من حيث التجنيس الأدبي يعد ثانيا؛ فقد أصدر قبلاً كتابا سرديا
حمل عنوان " حنين مبعثر" .
○ وعن الرواية فقد أهداها المؤلف إلى " كل المغيبين في ظلمات السجون، الذين تحني ظهورهم السياط، ولا أحد يحنو عليهم، وهناك قلوب تنبض بانتظارهم" (منطوق الإهداء للكاتب ) .
○ رواية "حميد" تسلط الضوء على نموذج إنساني سخر شبابه للنضال ضد الفساد، ومقاومة الظلم، سعيا وراء التغيير، لكنه ينهزم بالزج به في غياهب السجن، وقضبان الجلادين، فيتم كسر مقاومته، وهزيمته نفسيا، وجسديا، حتى مفهوم حبه لزوجته، وأسرته قام الجلادون بتغييره في عقله، وقلبه.
وحين خرج من سجنه (هاربـا) لم يكن ذاك الإنسان الأول، بل مجرد شبح آدمي، منهزمٍ ؛ فعاش بقية عمره (خارج السجن) هائما، مشردا في الشوارع، والأزقة، ولم يبقَ من إنسانيته سوى "ظل منسي" .
وحين التقاه ابنه مصادفة، وتم التعرف عليه، كانت الحياة قد أطبقت ماتبقى من سوادها، وظلامها على قلبه، ونفسه، وروحه؛ فغادر الحياة منتحرا .
"الظل المنسي" بانزياحه الجمالي، دلالة إشارية على الأب، ويصح- كذلك- أن يكون له نفس الدلالة، والرمزية على الأم التي أقعدها المرض، والحرمان حزنـا، وجزعا على الأب الذي ظلت تنتظره (15) عاما، ولم يعد، فتحولت بعده إلى "ظل منسي" ..
○ تتخذ الرواية من " السجن" فضاء مكانيا رئيسيا؛ حيث غرف التحقيق، والصعقات الكهربائية، والاستجوابات، والجدران الملطخة بالدماء والموت، وسحق إنسانية الإنسان .
أما خارج فضاء السجن، فتأتي أمكنة ثانوية تتحرك معظمها في مشاهد المدينة، وشوارعها، وأزقتها، ومستشفاها، ومكتبتها...إلخ.
○ الملاحظ أن الرواية ليس لها مكان جغرافي معروف، ومحدد، فلا نرى في مشاهد السرد اسمًا لمدينة ما، أو لبلد، أو بلدة ما، حتى المدينة التي قصدها بطل الرواية تـَعَـرَّف عليها "مصادفة من النت"، وكأنها ليست في نطاق جغرافي لدولة محددة .
كذلك لانلمح زمانا للحكاء، فهو يتأسس روائيا وفق جدلية نفسية مفتوحة التأويل..
○ أسلوبيا، تنهض الرواية في بنائها المحكي على تقنية "السرد الذاتي" ، ونعني به حضور السارد، وقيامه بالمشاركة في الأحداث الروائية كشخصية من شخوص الرواية .
ولعل من ميزات السرد الذاتي التحكم في الأحداث والشخصيات من داخلها بالتوغل في أعماق الشخوص والامتزاج فيها، فتأتي الرؤية السردية من وجهة نظر الراوي، وفكره، ومشاعره، وعواطفه .
○ الرواية من النوع الاجتماعي، وتتخفى تحت واقع سياسي كرسته بعض الظروف، والأزمات، الاقتصادية ؛ لذلك نجد في خلفية أحداثها نقدا لاذعا لذاك الواقع المكرس .
○ "الظل المنسي" رواية فنية ذات اتجاه واقعي، تعكس في أبنيتها السردية مواقف حضارية: اجتماعية، وإنسانية، وسياسية، ولا تعتمد على فنتازيا الحدث، بل على سببية الأحداث في الواقع المحكي .
Comentários