top of page
بحث
  • صورة الكاتبBooks عناوين

المثقف وتشكيل الوعي تصحيحًا للمسار ..قراءة في كتاب ((قضية دولة القانون في الأزمة اليمنية))


كتب إبراهيم موسى النحَّاس:

المتابع عن قرب لإصدارات دار (عناوين) للطباعة والنشر والتوزيع يجد اهتمامها بالدور التنويري فيما يتعلق بالشأن العربي بوجه عام، وما يخص البيت اليمني بوجه خاص، فبالإضافة لطباعتها للكتب العربية واليمنية لكبار الأدباء وتسليط الضوء على تجاربهم سواء في كتابة الشعر أو الرواية أو القصة القصيرة، إضافة لكتب الدراسات الإنسانية، نجدها – من خلال إصداراتها الجديدة – تهتم بالبعد التنويري وتشكيل الوعي لدى القارئ نحو القضايا العربية ومنها قضية الوضع الحالي في اليمن.

في هذا الإطار تطل علينا الدار بكتاب فخم للدكتور محمد أحمد علي المخلافي ويقع في جزئين ويحمل عنوان ((قضية دولة القانون في الأزمة اليمنية)) مع تقديم الجزء الأول بقراءة موضوعية للدكتور محمد علي السقاف لهذا الكتاب.

تناول الجزء الأول في ثلاثة أبواب الحديث تاريخيًّا ووثائقيا لبعض وقائع الخلاف قبل حرب صيف 1994م، فدار الباب الأول حول قضية الدولة في اتفاقيات الوحدة والفترة الانتقالية، وتناول الباب الثاني قضية دولة القانون وحقوق الإنسان، ليختم الجزء الأول بالحديث عن أزمة الدستور والخلاف حوله وحول تعديله في الباب الثالث.

ويجيء الجزء الثاني من الكتاب أكثر توسُّعًا في سرد الوقائع المتعلقة بالحرب الدائرة الآن من جميع النواحي من خلال أربعة أبواب يتكون منها هذا الجزء من الكتاب.

وأنا كعدد كبير من أفراد العالم العربي عشنا ننظر للواقع اليمني على أن الصراع فيه ما هو إلَّا مجرد حرب أهلية على السُّلطة، أو صراع مذهبي سُنِّي / شيعي، أو حركة انفصالية من الجنوب ضد وحدة الدولة، ولكن بقراءة هذا الكتاب الذي يُعتبر وثيقة تاريخية موضوعية تضع يدها على تفاصيل المشكلة مع وضع الحلول لها تغيَّرت لديَّ نظرتي لطبيعة هذا الصراع وأسبابه ودوافعه، حيث عرَّفني أنا وغيري من القُرَّاء أن الصراع على المستوى الداخلي كان بين التيار الاشتراكي المؤمن بالدولة المدنية وسيادة القانون والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق المرأة والفرد في دولة تؤمن بالتعددية وترفض التمييز أو التعصب ، كل هذا في مواجهة فصيلين: الأول يؤمن بالتوريث للسلطة على أساس قبلي إيمانًا بالعشيرة والقبيلة ويمثله الرئيس الراحل علي عبد الله صالح الذي تحالف مع ميليشيات لا تؤمن بالدولة المدنية بل تؤمن بالطائفية المذهبية ممثلة في الحوثيين، لتكون الغلبة لأصحاب الفكر القبلي والمذهبي على أصحاب فكرة ولة القانون لتتلاشى في النهاية فكرة الدولة القائمة على المبادئ التي تم ذِكرها كدولة مؤسسات تحترم سيادة القانون والتعددية وحقوق الإنسان، وإذا أضفنا لهذا الدور الخارجي المتمثل في إيران من ناحية، وتنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن وبعض الدول العربية ودول الغرب من ناحية أخرى، سندرك حينها مدى توسُّع الكتاب في تناول تفاصيل الصراع بشكل يضع القارئ على أحداث هذا الواقع الذي هو في أساسه صراع أيديولوجي بين أنصار دولة القانون المدنية الحديثة وأصحاب الرؤى الرجعية المنحازة لفكرة القبيلة، أو مَن لا يؤمنون بفكرة الدولة أصلًا نتيجة إيمانهم بوهم نظرية الخلافة المزعومة.

ومن هنا يضع الكتاب الحلول لهذا الصراع بضرورة التكاتف والإيمان بدولة القانون المدنية القائمة على التعددية وقبول الآخر وأن يسمو اليمن السعيد فوق أي مصلحة ضيقة سواء كانت تلك المصلحة حزبية أو مذهبية أو عشائرية، ليكتشف القارئ أن هذا الكتاب يعكس مسئولية المثقف وهي البُعد التنويري الذي يرصد المشكلات بكل موضوعية مع وضع التصورات للحلول الممكنة لها.



٣٠ مشاهدة٠ تعليق
bottom of page